08 May
08May

 بلغت شحات ذروتها الذهبية في القرن الرابع قبل الميلاد، واستمر نموها المطرد وازدهارها حقبة طويلة. فلقد ازداد عدد سكانها وارتفع محصولها من الزيتون والقمح وانواع الكروم.  كذلك نشطت وانتعشت تجارتها  التي كانت تصرف عن طريق مينائها وشريانها المائي سوسة "ابولونيا". ومن بين أهم سلعها الفيلة الليبية ونبات السلفيوم الطبي ذو القيمة الكبيرة، ولقد لعبت هذه النبتة الطبية دوراً اقتصادياً كبيراً في حياتها لدرجة أن نقوداً سكت وحملت رسمه.  وما من شك في أن آثار قورينا معلم حضاري ناصع ومميز بكمال وروعة فنه، ورفعة ذوقه وحسه الانساني.

واذا ما فخرت أثينا بحضارتها وروعة فنونها وارثها التاريخي المتمثل في آثار نحاتيها وفلاسفتها وفنانيها، فاِن قورينا لا تقل عنها لا من حيث السوية ولا المستوى.  فلقد انجبت شاعراً مثل كاليماخوس(305-340 ق.م.) الذي كان أميناً لمكتبة الاسكندرية وهذه كانت واحدة من مكتبات ذلك العالم. وأنجبت اوتوسيثينيس تلميذ كاليماخوس الذي درس الرياضيات والجغرافيا الفلكية بنجاح، وارتيبوس واحد من أكبر فلاسفة قورينا وصاحب المدرسة الفلسفية الشهيرة.

ظلت قورينا تواكب ركب الحضارة اليونانية والهلينية حاملة مشعل الثقافة في العالم القديم زهاء ألف عام، بالرغم من ظروف التقهقر والتدهور التي عاشتها في القرون الاخيرة من حياتها، والتي بدأت من القرن الثالث بعد الميلاد اثر الزلازل التي دمرتها.

وقورينا اليوم هي شحات التي ترتفع على تلك البقاع بمبانيها الحديثة وطرقها واسواقها ومساجدها معانقة افقها بقسميه السماء والماء حيث البحر بروعته وجماله.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة