04 May
04May

اما المادة الرئيسية التي استخدمت في بناء المدينة فكانت من الحجر الجيري الصلب الذي يمكن النحات أن يشتغل على نحته بسهولة ويسر.  حجر طيّع والتفنن في زخرفته ونحته ميسور للفنان.  وغالباً ما كان يترك هذا الحجر مكشوفاً من الخارج دون كسوة.

أما الآجر فعلى الأغلب أنه استخدم واستعمل كمادة للبناء في القرن الثاني وذلك في الأشغال والأعمال المنقوشة مثل الهياكل في مبنى دار القضاء (البازيليكا).  ورغبة من الرومان بالبقاء والاستمرارية في الحياة..وسعياً منهم للحصول على أقصى درجات التأثير سواء من حيث الاتقان او من حيث الزخرفة والحفر، فقد جلبوا كميات كبيرة ووافرة من أحجار وصخور الرخام المختلفة الألوان وذلك من ايطاليا واليونان وآسيا الصغرى.

أما عن اعمدة الجرانيت الضخمة ذات القطعة الواحدة، فكانت تستحضر من مصر وكثيراً ما استعمل الرخام المستجلب في التبليط واكساء الجدران من الداخل والخارج وكذلك استخدم في الكورنيش ولاتزال قطع عديدة من هذه اللوحات باقية في مواضعها الأصلية.  ونحن نعلم جميعاً أن المدن الرومانية كانت مزدانة بالتماثيل، وتستطيع اليوم أن تشاهد الكثير منها في مواقعها الأصلية كتلك القائمة في الحمامات العمومية مثلاً.  وبلغت مدينة لبدة أوج ازدهارها وعظمتها اِبان حكم الامبراطور سبتيموس سيفيروس الذي ولد على أرضها سنة 146م في اسرة مرموقة وذات مكانة قيادية الأمر الذي ساعده على شغل مناصب هامة في الجيش الروماني.  وفي العام 193م أضحى امبراطوراً فأنعم على مدينته لبدة بامتيازات كبيرة وزينها بأبنية عمومية من درجة رفيعة.  وكذلك عزز حامية الحدود الصحراوية ليحافظ بذلك على المنطقة الزراعية في الداخل والتي كانت تعتمد المدينة عليها بقدر ما كانت تعتمد على تجارتها.

اِن ما كشفت عنه التنقيبات من آثار للبدة يقتصر على المدينة بأدوارها الرومانية المتعاقبة بما في ذلك التحصينات التي أقامها البيزنطيون فى آخر مرحلة من حياة المدينة كذلك أقواس النصر والطرق الرئيسية وأهمها الطريق الطولي والطريق العرضي.

 

أما الميدان القديم وأطلال المعابد القديمة المحيطة والمجاورة للميناء فهو مركز للمدينة قبل توسعها في بداية العهد الروماني- ونستطيع أن نتتبع نمو المدينة واتساعها وذلك بالوقوف على تواريخ انشاء واقامة المباني العامة الفخمة مثل:

السوق البونيقي – انشئ في عام 8 ق.م.

المسرح النصف دائري انشئ في العام الأول ق.م.

مبنى الكالكيديكوم انشئ بين سنة 11 و12 م.

ثم توالى بعد ذلك انشاء المباني الأخرى خلال القرن الأول والثاني الميلاديين والتي من بينها حمامات الامبراطور هادريان التي انشئت بين عامي 126 و127 مز وجددت في عهد الامبراطور سيفيروس 193-211م.  ونظراً لكثرة الحمامات والسبل المائية في مدينة لبدة، ولأن الماء هو العنصر الحياتي الأساسي الذي بدونه لا يمكن لهذه المنشآت أن تقوم، فلقد كان القدر الأكبر منه يأتي من وادي لبدة ومن سد بنى على هذا الوادي حيث تتجمع المياه في صهاريج كبيرة ما تزال اطلالها ماثلة للعيان الى الجنوب من الطريق الرئيسية بالقرب من الجسر، كما أن هناك آثار القناة المرسلة من الصهاؤيج الواقعة الى الجنوب من الحمامات كذلك استخدمت أنابيب من الرصاص ما تزال أجزاء منها ماثلة في بعض السبل.  هذا الى جانب ماء المطر الذي لم يهمل جمعه في آبار أرضية.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة